كفتة داوود باشا دخلت مصر من المطبخ التركي
تعد كلمة"كوفتة" فارسية الأصل، وهي تعني "مسحوق"، لذلك أطلقت على اللحم المفروم والمضاف إليه التوابل، بعد سحقهما وخلطهما ببعض، وقد يضاف إليه الأرز أو لا، ثم تشوى على الفحم، أو تقلى في الزيت فتأكل مقلية، أو تغطس في الصلصة بعد قليها لتصبح قطع اللحم ناعمة تذوب في الفم.
وأكلة داود باشا هي عبارة عن طبق يحتوي على كرات لحم مطبوخة وتكون مغموسة في صلصلة الطماطم وتصطف بجانب بعضها البعض في الزيت بدرجة حرارة مرتفعة، وهذه الحرارة تعمل على تذويب اللحمة في الصلصة وتتشربها لتصبح لينة وتذوب في الفم، ويقدم هذا الطبق عادة ما مع الأرز، ومن ثم فهذه الأكلة ليست مصرية وإنما دخلت مصر عن طريق واليها داود باشا، ثم استوعبها المصريون وهضموها.
وتحدثت الفنانة المصرية إسعاد يونس في برنامجها "يدوم العز" على الراديو قائلة إن المطبخ المصرى استطاع أن يهضم كل الأكلات الأجنبية الوافدة عليه من كل بلاد العالم المختلفة مثل لبنان واليونان والهند، ونجح أن يضع على هذه الأكلات بصمته المتميزة حتى إن البعض يعتقد أن أصلها مصرى.
وقالت: عندما دخل الأتراك خلال مصر عام 1517، دخلت العديد من الأطباق التركية على المطبخ المصرى، ومنها أكلة كفتة داود باشا، التى انتشرت بسرعة كبيرة بين المصريين كونها غير مُكلفة، ومشبعة وذات طعم مميز، وكثير من الناس لا يعرفون من هو داود باشا الذى سميت هذه الأكلة باسمه".
وأضافت إسعاد: المصريين كانوا يعرفوا الكفتة العادية، لكن الكفتة على طريقة داود باشا كان غير معروفة، هذه الطريقة كان يحبها كثيرا ويداوم على أكلها رغم أنه لم يكون هو مخترعها لكنه جلبها معه من تركيا حيث كانت مشهورة هناك وكان يطلبها من الطباخ الخاص به، ولو ما طلعش طعمها مظبوط الطباخ يتعاقب، لأن داود كان ممكن يسامح فى أى حاجة إلا إن الكفتة تطلع مش حلوة، وكان يحتفى بضيوفه بتقديم هذه الكفتة لهم، وعلشان يحببهم فى الكفتة كان يضع خاتم فضة فى حبة من حبات الكفتة المقدمة للضيوف ويخبرهم بأن من يجد الخاتم فهو من نصيبه، فيتكالب عليها الضيوف بحثا عن الخاتم للفوز به".
وقيل لولا كفتة داوود باشا لما تم تخليد اسمه على مدار التاريخ، وجاء ارتباط اسمه بهذه الأكلة لأنه كان معروف بحبه الشديد لهذا الطبق، ويقال إنه كان يتناولها يوميا تقريبا، فيما ترجع بعض الروايات ارتباط الاسم به إلى أنه عاقب فى واحد من الأيام الطاهى الخاص به لأنه أخطأ فى طريقة إعدادها، ومن وقتها ارتبطت هذه الأكلة باسمه.
وهذا يعني أن داود باشا لم يخترع هذا الطبق ولكنه فقط أحبه حبا شديدا لدرجة أنه كان يتناول من هذا الطبق يوميا، وكان يعاقب الخدم ويغضب منهم عندما يخطئ أحدهم في المقادير، حيث إنه عمل داود باشا على إضافة بعض الأمور في طريقة طهي أكلة دواد باشا وابتكر أشياء جديدة معها.
واختتمت إسعاد حديثها: "انتشرت كفتة داود باشا بين المصريين سريعا نظرا لأنها تقدم مع الأرز الذى يعد الأكلة المفضلة لدى المصريين فى كل الطبقات، وهذا أيضا سبب انتشارها فى كل المطاعم بكل مستوياتها، يا سلام الله يرحمك يا داود باشا، ويدوم العز".
وحكم داود باشا عبد الرحمن مصر تقريبا أحد عشر عاما، من قبل السلطان العثمانى سليمان القانونى عام 1538 م ـ 945 هـ، وكانت هذه الأعوام من أيام الازدهار التي شهدتها مصر، وكان محبوبا عند المصريين، حيث إنه قام بالعديد من الأمور التي أوصلت مصر إلى أوج الازدهار، وقام ببناء جامع سماه باسمه جامع داود باشا، بالإضافة إلى أنه أسهم في الكثير من الإصلاحات في البلاد، وفي نظر البعض يعد من أعظم الولاة العثمانيين على مصر، وكان معروفا بثقافته الواسعة وتكريمه للعلماء، إلى جانب الأخلاق الكريمة، وعندما مات دفن في مصر، وهو أول وال عثمانى يدفن فى مصر، حيث أوصى قبل وفاته بأن يدفن إلى جوار الإمام الليث بن سعد.