قصة حلوى الدهين العراقي
ليس هناك عراقي من سكان محافظات الوسط والجنوب
لم يسمع بحلوى "دهين أبوعلي الشهير" تلك الحلوى النجفية الشهيرة، ويمكن
القول إن أصل هذه الأكلة أو "حلاوة الدهين" كما يسميها النجفيون غير
معروف على وجه الدقة، ومن ثم تتعدد الروايات حول أصلها وتاريخ تحضيرها لأول مرة، مثلها
مثل غالبية أنواع الحلويات في العالم.
ومن
ضمن الروايات رواية تقول إنها تعود إلى العصر العباسي وكانت تسمى حينذاك بحلوى
"اللوزينج"، وإن هذه الحلوى وصلت إلى العراق وتحديدا
إلى مدينة النجف قادمة من الهند، وقيل إن أول من مارسها البصريون لكنهم فشلوا في
صناعتها، لكن قام النجفيون بتطوير صناعتها لتحمل طعما مميزا وتصبح رمزا لمدينتهم
حتى أصبحت واحدة من أشهر حلويات المدينة وتكاد لاترى شارعا إلا وفيه محل يبيعها
للناس.
وتذهب رواية أخرى إلى أن الدهين ما هو إلا حلوى
جديدة العهد؛ حيث يعود تاريخ تحضيرها إلى ستينيات القرن الماضي، عندما قام
حلوانيان بتحضير هذه الحلوى وهما وهاب كريدي ومطرود البصير، إذ لم يكن في المدينة
أحد غيرهما حتى جاء حلواني ثالث اسمه أبو علي تفوق عليهما بحلواه التي يصنعها إذ
قام بتحسين طعمها بمطيبات معينة يعرفها هو وحده، كما يقال، ثم أخذت شهرته تتصاعد وأصبح
الناس يتواصون بأن لا دهين يعلو على دهين أبو علي.
وتشهد المحال إقبالا كبيرا خصوصا في المناسبات
الدينية التي يحرص الزائر على شراء الدهين باعتباره الهدية المفضلة أو "الصوغة"
كما يسمونها في العراق، وهذا يفسر لنا سبب انتعاش الدهين في النجف الأشرف؛ حيث
يرجع ذلك إلى توافد الزوار من داخل العراق وخارجه إلى مرقد الإمام علي بن أبي طالب؛
ومن ثم يحرص الزوار على شراء الدهين وتناولها خلال إقامتهم أو شراء كميات منها عند
سفرهم خارج البلد، لكن في شهر رمضان الوضع يتغير؛ حيث يقل الإقبال على حلوى الدهين،
ولهذا فهو عند بائعي الدهين شهر كساد لهم، وذلك لإقبال الناس على الحلويات
والمعجنات الأخرى ولانخفاض أعداد الزائرين من خارج محافظة النجف.
وتكثر فى النجف محال ترفع لافتات "دهين
أبو على الشهير"، رغم أنها لا تمت بأي صلة إلى مبتكر حلوى الدهين، أبو على
الأصلى، وكان أبو على هذا يصنع الدهين بسرية في أطراف مدينة النجف القديمة، ولم
يكن ليسمح بدخول أحد عليه من الناس، لكنه يسمح بدخول العمال الذين يثق بهم، واستمر
الحال حتى وفاة أبو علي، بعدها انكشف السر وبات أغلب اصحاب المعامل يصنعون الدهين
بطريقة أبو علي الشهيرة.