الملوخية.. من علاج الملوك إلى أشهر أكلة في مصر
معشوقة المصريين.. هذا اللقب الذي يُطلق على الملوخية الوجبة الأشهر في مصر، فهي طبقًا أساسيًا على المائدة المصرية ويكاد لا يوجد مصري لا يحبها، وترتبط بالشعب المصري ثقافيًا وشعبيًا على مدار التاريخ.
وعلى الرغم من انتشار الملوخية في كل أرجاء الوطن العربي؛ إلا أنها ما تزال الوجبة المُرتبطة بالمصريين ومهارتهم في صُنعها بطريقة فريدة مع اعتقادهم بسبب غريب وراء الطعم المميز لها وهو (الشهقة) عند وضع الثوم إليها.. فما هي قصة هذه الوجبة؟
ما هي الملوخية؟
تُعتبر الملوخية من النباتات الزهرية التي تضم أكثر من 100 صنف، فهذه الأزهار تنتج مجموعة من البذور التي تنتج الأوراق المُستخدمة في إعداد طبق الملوخية، وتنظم زراعتها في الطقس الدافئ لأن بذورها لا تنبت إلا في درجات حرارة مرتفعة، كما أنها تحتاج إلى كمية كبيرة من المياه ويراعى عدم جفاف التربة بعد الزراعة والري بالمياه حتى الإنبات، ومع ذلك يمكن زراعتها في الطقس البادر لكنها تحتاج لوقت أكبر للإنبات.
الملوخية من الأكلات المُفضلة في العديد من البلدان العربية وليس في مصر فقط، حيث تنتشر بين بلاد السودان والمغرب والجزائر وتونس، بالإضافة إلى بلاد الشام، ويتم إعداداها بطرق مختلفة وفقًا لثقافة كل بلد.
تاريخ الملوخية
يختلف المؤرخون حول أصل الملوخية وكيف ظهرت في مصر وسبب تسميتها بهذا الاسم وإعدادها، حيث إنها في الأصل أحد النباتات الزهرية لكنها تحولت إلى وجبة من أكثر الوجبات انتشارًا في المجتمع العربي.
الرواية الأولى: تفسر سبب تسمية الملوخية بهذا الاسم إلى عهد الفراعنة، حيث كان يعتقد المصريون القدماء أنها نبتة سامة تُسمى (خية)، وعندما احتل الهكسوس البلاد أرادوا إذلال المصريين فأجبروهم على تناول هذه الوجبة، حيث كانوا يقولون لهم :(ملو - خية)، بمعنى: (كلوا - خية)، وبعد أن تناولوها اكتشفوا أنها غير سامة وتصلح للأكل.
الرواية الثانية: هي الأشهر والتي يرجحها المؤرخون تعود إلى عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، حيث كان يشكوا من التهابات في المعدة، ووصف أحد الأطباء علاجًا له من أوراق تُسمى (الكوريت) واستطاعت تخفيف آلامه بصورة كبيرة، فأمر أن تُزرع في حدائق القاهرة حتى يستعملها كلما جاءه الألم مرة أخرى.
وكانت علاج مُخصص للملوك فقط حتى تمت تسميتها بـ(الملوكية) أي الوجبة المُخصصة للملك فقط، حتى قام رجال الحاشية التابعين للخليفة بزراعتها واستعمالها كدواء يشفي من أمراض المعدة واستحسنوا مذاقها وتم تسريب البذور لزراعتها بين فئات الشعب المختلفة ليطهوها مثل أنواع الخضروات المختلفة وتحولت إلى أحد أشهر الوجبات في مصر وأطلق عليها اسم ملوخية.
منع زراعة الملوخية في مصر
مرت الملوخية بأزمة شديدة عام 1805، عندما أصدر الخليفة الفاطمي أبوعلي منصور بن عبدالعزيز، الذي عُرف باسم (الحاكم بأمر الله)، أمرًا غريبًا حرم فيه الشعب من زراعة وتناول الملوخية وذلك بسبب كراهيته الشديدة لأهل دمشق وخلافه الكبير مع الخليفة الأموي معاوية الذي كان يُحب الملوخية جدًا ويشتريها من مصر خصيصًا لتناولها في دمشق فأراد الحاكم بأمر الله أن يمنعه من الحصول عليها.
لكن الشعب كان يُحب الملوخية جدًا وتعتبر من المأكولات المفضلة إليه وآثار هذا القرار حالة من الاستياء بين أفراد الشعب، فقرر البعض زراعتها في أماكن نائية وتهريبها إلى باقي المواطنين لإعدادها وتناولها.
الملوخية بالطريقة المصرية
بمرور الوقت طور المصريين طريقة إعداد الملوخية ووضع الثوم عليها مع القيام بـ(الشهقة) أثناء ذلك، حيث كانت المرأة الريفية أثناء الطهو تتجمع الطيور حول الملوخية فتعمل على (الشهق) أثناء إضافة الثوم لإبعاد الطيور.
لم تتوقف العقلية المصرية عند استخدام الملوخية بالطريقة التقليدية؛ بل تطورت بشكل كبير، فأصبحت تطهو بالجمبري وبشوربة الأرانب والعديد من الإضافات الأخرى، لكن تظل الملوخية بالثوم هي الطريقة المصرية التقليدية الأشهر.
فوائد الملوخية
تتميز الملوخية بأن لها فوائد عديدة؛ فهي تحتوي على مضادات الاكسدة، ولها تأثير على مضادات البكتيريا ومضادة للالتهابات، وأيضًا تكون غنية بالعناصر الغذائية والفيتامينات المختلفة مثل فيتامين C وفيتامين A، بالإضافة إلى أنها تُعد مصدرًا للمعادن مثل الحديد والكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم، ما يجعلها عنصر مهم لتحسين جهاز المناعة.
وتعمل الألياف في الملوخية على تحسين وتنظيم عملية الجهاز الهضمي وتمنع الإمساك وتسرع عملية الهضم، ويساعد المغنيسيوم على منع اضطرابات النوم، كما أنها تفرز بعض الهرمونات التي تُساعد الجسم على الاسترخاء وتهدئة الأعصاب.
.