المسخّن الفلسطيني.. وجبة مُعدة من خيرات الطبيعة
يُعتبر المسخّن من أشهر الوجبات الفلسطينية التي يتم إعدادها على مدار العام، ولكن تشتهر في موسم حصد الزيتون.
المسخّن ليس طبقًا عاديًا إنما عبارة عن جزء من التراث الفلسطيني وهو أحد الأطباق الموسمية الذي يتم إعداده من خيرات الطبيعة، كما أنه يعبر عن كرم الضيافة في المجتمع الفلسطيني.. فما أصل هذا الطبق؟
تاريخ المسخّن
يُعد طبق المسخّن نموذج لهوية المطبخ الفلسطيني العريق وتشكّله عبر الزمن، باعتباره طبق قديم مرتبط بالتراث الثقافي للمجتمع، فمنذ قديم الأزل يعمل الفلاحون في فلسطين بزراعة الزيتون، ويعتبر وقت الحصاد بمثابة عيد مُبهج يسارعون للاحتفال به، خاصة في وقت صُنع زيت الزيتون، ومن هنا ظهرت الوجبة التي تعتمد على زيت الزيتون بشكل كبير.
ونظرًا لانشغال الجميع بموسم حصاد الزيتون كان الفلاحين يحضرون الدجاج المشوي والبصل والفلفل الأخضر مع حبوب القمح لإعداد وجبة سريعة من خيرات الطبيعة، ثم يوضع عليها زيت الزيتون ليُعطي لها مذاق مميز لا مثيل له.
المسخّن.. طبق الأفراح
بدأت صناعة وجبة المسخّن في مناطق وسط فلسطين وشمالها التي تشتهر بزراعة الزيتون، ومع الوقت انتشرت في عموم فلسطين ومناطق الضفة الغربية، ثم انتشرت بعد ذلك لكل العالم.
ومع انتشار طبق المسخّن في فلسطين اعتبر السكان أن هذا الطبق يُعبر عن مدى إكرام الضيف، كما يتم إعدادها في ولائم الأعراس لأنه يُعبر عن مدى الفرحة والبهجة.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل أصبح المسخّن الطبق الحاضر في كل الاحتفالات وولائم المناسبات الاجتماعية المختلفة.
مكونات المسخّن
يتكون طبق المسخّن بشكل أساسي من مكونات مُعدة من خيرات الطبيعة، حيث يتم تحضيره من الدجاج المشوي والبصل والسمّاق والفلفل الأخضر والزعفران، بالإضافة إلى حبوب الصنوبر المقلية وخبز الطابون، ثم يضاف إليه البهارات المختلفة وزيت الزيتون ويقدم ساخنًا بطريقة تشبه الشطائر أو الساندويتشات.
يُطلق على المسخّن العديد من الأسماء الأخرى، أشهرها اسم (المُحمّر) نسبة للدجاج المحمر الذي يعلو الوجبة، كما يطلق عليه اسم (الرقاق) نظرًا للخبز الرقيق.
رقم قياسي للمسخّن
في عام 2010 استطاع 40 طباخًا فلسطينيًا تحقيق رقمًا قياسيًا جديدً من خلال تحضير أكبر صحن المسخّن في قرية عارورة، وتم تسجيل هذا الأمر في موسوعة جينس للأرقام القياسية.
ووصل قطر صحن المسخّن إلى 4 أمتار، فيما بلغ وزنه حوالي 1.35 طن، ومن أجل تحضيره تم استخدام 500 دجاجة، و170 كيلو من زيت الزيتون، بالإضافة إلى 500 كيلو من البصل و70 كيلو من الصنوبر، وأيضًا 50 كيلو من السماق مضاف إليه 250 كيلو من الطحين.
المسخّن.. طبق عالمي
(القمح والزيت عماد البيت).. من هذا المثل الشعبي اعتمد الفلاحون في فلسطين على إعداد وجبة المسخّن بمكونات من خيرات الطبيعة بسيطة ومتواجدة في كل منزل، فخبز الطاحون والبصل والسماق واللوز والدجاج مكونات لا يخلو منها أي بيت فلسطيني.
المسخّن.. طبق مرتبط بالهوية الفلسطينة الشعبية ويعبر عن البيئة الزراعية فيه، لكن مع التطور تحول إلى طبق عالمي وانتشر في معظم أرجاء العالم، لكن رغم ذلك يظل مرتبطًا بفلسطين وأهلها على مدار التاريخ.
.