تاريخ تأسيس مطاعم كنتاكي الشهيرة.. رحلة من الكفاح والإصرار على النجاح
مطاعم كنتاكي من أكبر وأشهر المطاعم العالمية التي تقدم الدجاج المقلي والوجبات السريعة، وتعود بدايتها إلى قصة كفاح وصبر كبير وإصرار على النجاح من أحد أشهر الطهاة حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن من التوسع والانتشار، وكل قصة نجاح لا بد أن يكون لها صانع ومؤسس؛ فهل تعرفون من هو مؤسس مطاعم كنتاكي الشهيرة؟
هارلاند دافيد ساندرز هو مؤسس مطاعم كنتاكي الشهيرة، وقد وُلد في مقاطعة هينريفيل بولاية إنديانا الأمريكية، عام 1890، وتوفي في ديسمبر 1980، عن عمر يناهز 90 عاما.
- قصة كفاح:
وعلى مدار سنوات عمره عاش قصة من الكفاح والمعاناة حتى وصل إلى تأسيسه أشهر سلسلة مطاعم في العالم؛ فقد كان يعيش في أسرة فقيرة؛ حيث توفي والده وهو في سن 6 سنوات؛ فأصبح هو وأمه وحيدين يصارعان الحياة ومتاعبها؛ لذلك اضطرت والدته للعمل، وظل هو يرعى أخاه وأخته ويقوم بإعداد الطعام لهما.
ولم يكن هارلاند يعلم أن معاناته وإعداده الطعام لأخويه وهو في سن صغيرة سيكون سببا في ثرائه وشهرته في المستقبل؛ حيث أتقن فنون الطهي واخترع خلطته الشهيرة التي ميزته عن غيره من الطباخين.
ورغم المعاناة والمتاعب التي عاشها هارلاند؛ فإنه أكمل دراسته الثانوية، والتحق بعدها بالجامعة وتخصص في قسم المحاماة، وظل أثناء دراسته يعمل في مختلف المجالات كخدمة السيارات والمزارع والإطفاء والجيش، وبعد تخرجه عمل محاميا في إحدى الشركات، ثم اشترى محطة لخدمة السيارات في ولاية كنتاكي.
- فكرة إنشاء المطعم:
عندما كان هارلاند في سن الـ39 اشتكى إليه أحد أصدقائه من سوء الطبخ في المطاعم الموجودة بولاية كنتاكي؛ فلمعت في ذهنه فكرة إنشاء مطعم لتقديم الطعام لسكان المدينة، وسرعان ما بادر بتحويل إحدى الغرف التي كان يملكها في محطة السيارات إلى مطعم لبيع الدجاج المقلي والبطاطس والخضار، وبسبب جودة طعامه حقق هذا المطعم شهرة كبيرة خلال وقت قصير.
بعد اشتهار مطعمه قام هارلاند بإغلاق المحطة بأكملها وتحويلها إلى مطعم تحت اسم "كافي ساندرز"، وبعد مرور 10 سنوات اكتشف طريقة سرية لقلي الدجاج دون استخدام زيت الطبخ.
وفي عام 1949 قام حاكم ولاية كنتاكي بتكريمه ومنحه رتبة "كولونيل"، وفي عام 1953 قدم إليه عرضا لشراء المطعم مقابل 150 ألف دولار، ولكن هارلاند كان طموحه كبيرا؛ لذلك رفض فكرة بيع المطعم وأكمل المسيرة.
- خيبة أمل وعدم استسلام:
بعد فترة قصيرة من رفض هارلاند بيع مطعمه لحاكم الولاية اضطر لبيعه بنصف المبلغ الذي عُرض عليه؛ بسبب إعادة تخطيط المدينة وابتعاد مطعمه عن الطرق السريعة؛ ما قلل عدد زبائنه.
ولم يستسلم هارلاند وبدأ بتحضير خلطته السرية وعرضها على المطاعم، ولكنه المفاجأة أنه لم يستطع خلال سنتين إلا إقناع 5 مطاعم فقط؛ فحاول أن ينهض من هذا التعثر وبدأ بإعادة تأسيس مطعم له، ومع الوقت استطاع تأسيس سلسلة مطاعم دجاج كنتاكي وصلت إلى نحو 200 مطعم.
وفي العام الذي تلاه قام بزيادة طاقة مطعمه القصوى ليتسع لـ142 عميلا بدلاً من 45 فقط، وأنشأ بجوار مطعمه فندقا صغيرا للمسافرين على الطريق السريع الذي كان المطعم ومحطة الوقود يقعان عليه.
بعد ذلك وجد هارلاند عقبة أخرى؛ حيث كان يقوم بطهي قطع الدجاج في مقلاة زيت معدنية تقليدية، وكانت هذه الطريقة تستغرق 30 دقيقة، وهذه المدة الطويلة لإعداد الطعام تسببت في عدم إقبال العديد من الزبائن على المطعم؛ ما أضاع عليه أرباحا هائلة كان من الممكن تحقيقها في حال سرعة الطهي.
فكر هارلاند في فكرة لتفادي هذه العقبة فبدأ باستخدام مقلاة ضغط مبتكرة لقلي الدجاج مع الاحتفاظ بنفس الجودة والمذاق، ونجح بها في تقصير مدة الطهي بشكل كبير؛ حتى أصبح مطعم وجبات سريعة بمعنى الكلمة.
وفي عام 1940 نجح هارلاند في ابتكار "الخلطة السرية" التي ما زالت حتى يومنا الحالي سرا غير معروف، وهي عبارة عن خليط من 11 نوعا مختلفا من البهارات والتوابل الخاصة طورها بنفسه في مطبخه.
وفي بداية الخمسينيات تعرض هارلاند لضربة تجارية كبيرة مرة ثانية؛ حيث تم تحويل الطريق السريع الذي كان مطعمه يقع عليه إلى طريق فرعي وتم استبدال طريق آخر جديد أوسع به؛ ما تسبب في خفض مبيعات المطعم بوضوح وجعله مجرد مطعم هامشي لا يلتفت إليه أحد.
وسرعان ما تصرف هارلاند مع هذه العقبة وبدأ في بيع تراخيص لمطعمه وخلطته السرية بنظام التوكيل التجاري أو "الفرانشايز"، وكان يحصل على عمولة 5 سنتات عن كل قطعة دجاج يتم بيعها في تلك المطاعم، وهذه الطريقة حققت نجاحا كبيرا، ولكنها كادت تتسبب في فقدان "سر الخلطة"، وبحلول عام 1960 كانت سلسلة مطاعم "دجاج كنتاكي المقلي" تملك ما يزيد على 600 فرع بالولايات المتحدة وكندا.
- بيع الشركة:
باع هارلاند دافيد ساندرز الشركة عام 1964 لأحد المستثمرين مقابل مبلغ مليوني دولار، ومنذ ذلك الوقت تم بيع سلسلة المطاعم 3 مرات إضافية آخرها في بداية التسعينيات عندما تم بيع الشركة لشركة بيبسيكو العالمية.
وفي عام 1997 بدأت شركة بيبسيكو ترشيد نفقات كبيرة؛ فضمت مطاعم كنتاكي إلى شركة جديدة أنشأتها لإدارة سلاسل مطاعم الوجبات السريعة التي تمتلكها تحت اسم "يام براندز"، وهي الشركة التي تملك الآن -بجانب دجاج كنتاكي- مطاعم كبيرة مثل بيتزا هات وهارديز وغيرهما.
وفي أواخر التسعينيات قامت شركة "يام براندز" بتغيير اسم مطاعم كنتاكي من "Kentucky Fried Chicken" أو "دجاج كنتاكي المقلي" إلى "KFC"، ويعود السبب في تغيير الاسم إلى رغبة الشركة في التركيز على تنامي الوعي الصحي لدى العملاء وعدم رغبتهم في تناول أطعمة مقلية في الزيت عالي الكوليسترول، أو على الأقل عدم رغبتهم في رؤية الكلمة "مقلي" في اسم سلسلة الوجبات السريعة يأكلون منها بانتظام.
وظلت سلسلة مطاعم كنتاكي حتى يومنا الحالي من أشهر مطاعم الوجبات السريعة في العالم؛ وتمتلك سلسلة من أكبر سلاسل الوجبات السريعة المنتشرة عالميا؛ حيث تعمل الآن في أكثر من 90 دولة حول العالم.
.