
معرض القاهرة للكتاب يسجل نصف مليون زائر في أيامه الأولى
أعلن معرض القاهرة الدولي للكتاب أنه شهد في يومه الثالث، إقبالا واسعا من قبل المصريين، وخصوصا الشباب، الذين اصطفّوا في طوابير أمام الأبواب، وتفاعلوا مع العروض الثقافية والفنية بشكل كبير.
وشهدت أكشاك المبادرة التي أطلقتها وزارة الثقافة للكتب المخفضة "الثقافة والفن للجميع"، إقبالا واسعا، إذ وصل عدد الزائرين إلى النصف مليون منذ انطلاق الدورة الرابعة والخمسين، بحسب بيان صادر عن الهيئة العامة للكتاب.
واعتبر رئيس الهيئة أحمد بهي الدين، أن عدد الزائرين للمعرض، هو "مؤشر جيد على حجم المبيعات خلال الأيام المقبلة، كما أن المبيعات تؤكد إدراك المجتمع المصري بفئاته كافة، أهمّية المعرفة وقيمتها في تنمية وتطوير المجتمع".
ولفت إلى أن الإقبال "لم يكن على شراء الكتب فحسب، بل على العروض الفنية المصاحبة للمعرض، ومنها عروض الليلة الكبيرة، والسيرك القومي، وفرقة النيل للآلات الشعبية، التي قدمت السيرة الهلالية، وسط جمهور غفير" .
ورغم دعوات المقاطعة بسبب ارتفاع أسعار الكتب، إلا أن الأيام الأولى للمعرض أظهرت إقبالا كبيرا، علما أن أعداد الحضور لا تعني بالضرورة إقبالا على الشراء، إذ يعد المعرض مكانا للفعاليات التي تجذب المصريين، وخصوصا تلك المخصّصة للأطفال.
وبحسب موقع "الشرق بلوممبرج"، أعرب عدد من الزوار عن اهتمامهم بمبادرة الكتاب المخفض أينما وجدت، إذ إن العثور على كتاب "تحت سقف المائة جنيه أصبح مهمة عسيرة، ما لم يكن في أجنحة سور الأزبكية، أو وزارة الثقافة"، بخلاف ذلك، "تبقى أسعار الكتب مرتفعة حتى بعد التخفيضات"، بحسب بعض المشاركين.
وقالت مروة سبع، التي حضرت إلى المعرض مع طفليها، إنها لا تحمل قائمة كتب خاصّة بها للشراء، "فغالبية ميزانيتنا مخصّصة للكتب الدراسية، والمنتجات الثقافية المخصصة للأطفال، كما أن كتب الكبار أسعارها مرتفعة بشكل مبالغ فيه، علما أن الفعاليات هنا مميّزة، وقد استمتعنا بمسرح العرائس وفقرات غنائية، وورش الرسم والطباعة".
وقدّمت بعض دور النشر المخصصة للأطفال تخفيضات تصل إلى 50% على إصداراتها، إلى جانب "مبادرة الثقافة والفن للجميع"، كما قدّمت دور النشر العامّة خصماً وصل إلى 30% لذوي الاحتياجات الخاصة.
وعلى الرغم من إتاحة الشراء عبر بطاقات الدفع الإلكترونية للمرة الأولى في المعرض، إلا أن ضعف الشبكة واستغراق عملية الشراء فترة طويلة، تسبب ببعض البلبلة.
وعلى هامش سوق الكتب، أقيمت فعاليات فنية عدة السبت الماضي، في الساحة المفتوحة لمركز المؤتمرات والمعارض الدولية بالتجمع الخامس، اجتذبت أعدادا كبيرة من زوار المعرض.
وقدّمت فرقة "مسرح القاهرة للعرائس"، نسخة من مسرحية "الليلة الكبيرة"، للشاعر الراحل وشخصية المعرض صلاح جاهين.
وتنوّعت الفعاليات المخصّصة للأطفال، بين ركن الفنون والورش الفنّية وركن الورش التفاعلية، فضلاً عن نشاط المسرح اليومي.
وقدمت فرقة "بنات وبس" التابعة للمركز القومي للطفل، عرضا فنيا مميزا، كما عرض نادي المشاهدة التابع للمجلس القومي للأمومة والطفولة فيلم "بداية الخيط"، ضمن نشاط مبادرة تمكين الفتيات "دوي".
وحرصت بعض الجهات الرسمية على أن تكون أجنحتها حلقة وصل بينها وبين زوار المعرض، وإتاحة الفرصة للزوّار لمعرفة دورها وخدماتها، عبر جولة افتراضية من خلال جناح الرقابة الإدارية بالمعرض.
كما ضم جناح وزارة الدفاع المصرية عددا من كتب التراث العسكري، مثل كتاب "الأوامر العسكرية"، الذي تعود طبعته المكتوبة بخط اليد إلى عام 1884، فضلا عن تعريف الزوّار بأنشطة المؤسسة العسكرية وخدماتها.
كذلك الأمر بالنسبة إلى أجنحة المشروع الوطني للقراءة، وجناح الأزهر الشريف، وجناح حكماء المسلمين، الذي شهد إقبالا واسعا من قِبل طلاب الأزهر غير الناطقين بالعربية، رغبةً منهم في اقتناء إصدارات "دار الحكماء" المترجمة.
ولاقت فعاليات جناح المملكة الأردنية الهاشمية، ضيف شرف المعرض، رواجا لدى الزوّار، وشهدت ندوات ولقاءات، من بينها محاضرة "الأردن تاريخ وحضارة"، و"رسائل ملكية: الأردن ومصر بين الأعوام 1921 و1946"، فضلاً عن عرض فولكلوري لفرقة أمانة عمّان.
واستضاف جناح معرض أبوظبي الدولي للكتاب، ومركز أبو ظبي للغة العربية، مناقشة كتاب"مقهى ريش.. عين على مصر" للروائية الإماراتية ميسون صقر، الذي يوثق تاريخ المقهى الثقافي الشهير في وسط البلد.
وأوضحت الكاتبة أنها رصدت طبقات من التاريخ، وأرادت أن "تصنع منتجا مختلفا عن الوثيقة والرواية، فجاء الكتاب بعين المحبّ لمصر". ولفتت إلى أنها سعت "للحصول على الحكايات من وراء الوثائق، واستعانت بقصص الشعراء والأدباء للتخفيف من الطابع البحثي الجاف".
واعتبر عبد العزيز بن سعد السويلم، المدرّب السعودي والمدوّن المعني بنشر ثقافة الكتابة، أن معرض القاهرة للكتاب هو "الأهم على مستوى الوطن العربي، وهو أيقونة ثقافية ومعرفية، يجتذب قلوب المثقفين والباحثين ومحبّي القراءة من مختلف أنحاء الوطن العربي، فضلا عن المهتمين بالحوارات الثقافية وتبادل الخبرات في مجال القراءة والنشر".
أضاف: "أحرص على زيارة المعرض كل عام، والمشاركة في هذه التظاهرة الثقافية، واقتناء الكتب ونشر يومياتي في المعرض عبر حساباتي على وسائل التواصل، وأجد أصداء واسعة من محبّي القراءة والمهتمّين بها من دول عربية عدة".
واستضافت قاعة صلاح جاهين فعاليات ثقافية عدة، من بينها ندوة "في الأدب النسوي العربي"، التي تحدثت فيها شهد الراوي (العراق)، ليلى المطوّع (البحرين)، مريم الساعدي (الإمارات)، رشا سمير (مصر).
وشهد الصالون الثقافي حفلاً تكريمياً للناقد الراحل صلاح فضل، بمشاركة رئيس مركز أبوظبي للغة العربية الأكاديمي علي بن تميم، والشاعرة بروين حبيب، والأكاديمي رضا عطية، والناقد وائل فاروق، وأدار الحوار الناقد أحمد مجاهد.
وروت حبيب سيرة الأكاديمي الراحل ومسيرته في التعليم الجامعي، "والتناقض الذي جمعه في شخصيته بين الأزهري خفيف الروح والأرستقراطي الحامل لليبرالية الأوروبية".
واعتبر بن تميم أن الراحل هو "صاحب فضل كبير في تأسيس مشروعات ثقافية عدة في دولة الإمارات، وقد امتلك مهارة الإداري المحنّك، إلى جانب منجزه النقدي والثقافي". واستشهد بكواليس تأسيس جائزة الشيخ زايد للكتاب، ودور الراحل فيها، "وإسهامه في وضع قانون التأسيس، وتفكيره الدائم في التشريعات الناظمة".
واستعرض عطية المسيرة النقدية لصلاح فضل، "وتكريسه لمناهج الحداثة النقدية في الفكر العربي، الذي كان قد تشبّع بالمناهج القديمة، وقد كان أول من قدم الواقعية السحرية، قبل أن يحوز جابرييل جارسيا ماركيز على نوبل، ويترجم للعربية بسنوات".
.